مثل أي شاب من أسرة بسيطة، لم يهتم محمد ناجي إسماعيل عفش بالشوارع
المتربة في بلدته البسيطة في مركز حوش عيسى التابع لمحافظة البحيرة،
مقرراً قضاء كل ثانية من وقت فراغة في لعب كرة القدم مع أقرانه.
وخلال لعبه لم يختلف إبن بائع الفاكهة البسيط في شكله المترب كثيراً عن
باقي أقرانه، ولكن مهارات الشاب ذو الـ17 عاماً في لفتت أنظار الكابتن
محمد بديوي مدرب الكرة في مركز الشباب التابع للقرية مقرراً نفض هذه
الأتربة عن ما سيصبح خلال تسعة أعوام اللاعب الأشهر في صفوف المنتخب
المصري.
ولم يتردد المدرب في التوجه لاولد اللاعب "عم ناجي" لمطالبته بالسماح
للشاب الشهير بـ"جدو" بالانضمام إلى مركز شباب القرية، إلا أن مساعيه
واجهت طريقاً مسدوداً أمام عناد والد اللاعب الذي احتج على ممارسة ولده
لرياضة ستلهيه عن دراسته.
ورغم أن عناد عم ناجي كان كافياً ليستسلم الكابتن بديوي ويتوقف عن مساعيه،
إلا أن ما رآه من مهارات للاعب كانت أكثر من كافية لتجعله يفكر في اللجوء
لوسائل أخرى!
استغل الكابتن بديوي إهتمام أعمام الشاب بلعبة كرة القدم وتقديرهم للاعبين
الكبار في مصر، وطالبهم بالوساطة بينه وبين والد اللاعب مع وعود بأن
ممارسة اللاعب للرياضة لن تلهيه عن دراسته.
محترف ... في مركز شباب!
وبالفعل، انضم جدو لفريق الشباب بالمركز، ولم يحتج سوى ستة أشهر لإثبات
وجوده ويتم تصعيده للفريق الأول، وخلال عام لفت أنظار الأندية الكبرى في
محافظة البحيرة.
وأسفرت منافستهم الشرسة عن انتقال اللاعب لنادي ألعاب دمنهور –عاصمة
محافظة البحيرة – مقابل أربعة آلاف جنيه مصري وخمس كرات لمركز شباب حوش
عيسى في نظير الحصول على الاستغناء النهائي عن جدو في عام 2003.
واستمر تألق اللاعب مع ناديه الجديد الذي كان ينافس وقتها في دوري القسم
الثاني، وأصبح هداف الفريق ليجذب اسمه إنتباه الكابتن طلعت يوسف المدير
الفني لنادي الاتحاد السكندري وقتها.
استقبال خيالي لجدو في القاهرة
وبالفعل، قرر طلعت متابعة اللاعب في مباراة فريقه أمام الكروم التياستضافها استاد الإسكندرية، في نهاية موسم 2004-2005، وهو ما كان كافياً
لإقناع المدير الفني لزعيم الثغر بالسعي لضم اللاعب للفريق.
المفاوضات بين الإتحاد السكندري ونادي ألعاب دمنهور كانت مهددة بالفشل
للاختلاف على المقابل المادي للصفقة، ولكن أعضاء مجلس إدارة نادي الإتحاد
تدخلوا ونجحوا في الحصول على خدمات اللاعب مقابل 300 ألف جنيه مصري.
عروض محلية
ومع سطوع نجم جدو في الاتحاد بدأت العروض تتوالي على اللاعب، والتي كان
أبرزها عرض الإسماعيلي مع بداية موسم 2006 - 2007 إلا أن مغالاة مسؤولي
الإتحاد في المقابل المادي للاعب والذي بلغ ثلاثة ملايين جنيه مصري حالت
دون اتمام الصفقة.
الظهور الأول لجدو في قائمة الكابتن حسن شحاته للمنتخب الوطني كان قبل خوض
الفريق لمنافسات كأس الأمم الإفريقية "غانا 2008"، ولكن تم استبعاده من
القائمة المتخمة بالنجوم وقتها.
إلا أن إنضمام المنتخب لقائمة "المعلم" لفت انتباه النادي الأهلي للاعب
الشاب، وبدأوا بالفعل المفاوضات مع النادي السكندري، والتي واجهت طريقاً
مسدوداً لتمسك مسؤولي الإتحاد باللاعب، ولجأ محمد مصيلحي رئيس النادي
لتعويض اللاعب ماديا بعد رفض عرض الأهلي وقام برفع قيمة تعاقده من 250 ألف
في الموسم الي 500 ألف جنيه مقابل مد مدة التعاقد لموسمين آخرين لينتهي
تعاقده مع الإتحاد في موسم 2012.
ومع العروض التي قدمها جدو هذا الموسم مع زعيم الثغر، رغم أن النادي يقبع
في قاع ترتيب فرق الدوري المصري، عاد المعلم واختاره قبل خوض مباريات
النسخة الجديدة من البطولة "أنجولا 2010".
تكرار سيناريو استبعاده من القائمة قبل البطولة كانت أكبر شكوك جدو قبل
سفر الفريق لمعسكر الإمارات على حد قول والدته: "واجهته (جدو) شكوك حول
الإستمرار في قائمة المنتخب هذه المرة أيضا، وكان يخشى استبعاده قبل معسكر
الإمارات، ولكني كنت اشعر أنه سيظل في قائمة الفريق وسيرافقهم إلى أنجولا".
ورغم الانتقادات التي وجهت للمعلم لاختيار جدو لرحلة أنجولا، فان اللاعب
لم يخذل شحاته أو رفاقه، ولم يتمكن فقط من خطف جائزة "أفضل إكتشاف" كأفضل
لاعب كشفت عنه البطولة إضافة إلى تتويجه هدافا لها رغم مشاركاته التي لم
تتجاوز الـ173 دقيقة طوال البطولة.
أحد أشهر الصور على Facebook!
جدو والـFacebookوسجل جدو في نيجيريا هدف تأكيد الفوز، ثم في موزمبيق حينما كان الجميع
يخشى هدفا معاكسا يحقق التعادل للمنافسين، وأهدى مصر المقدمة أمام منتخب
الكاميرون الأكثر تفوقا، ثم وضع الزينة على كعكة إسقاط الجزائر برباعية،
وأخيرا سجل هدف البطولة في مرمى غانا في النهائي.
الأهداف الخمسة والعروض الرائعة وكأسي البطولة وهداف إفريقيا أطلقت حمى
"جدو" في الشارع المصري، حيث بات عشرات الآلاف يصرخون بهتاف "عايز تهدو
هاتلو جدو" الذي لم يكن يردده سوى جمهور الاتحاد السكندري حينما يقود
فريقهم للفوز.
وأصبح معتادا أن تنقل القنوات الفضائية مشهد احتفال الجماهير المصرية
بالفوز تلو الآخر مع الهتاف الجديد سواء كانت هذه الاحتفالات في
الإسكندرية أو غيرها من محافظات مصر.
ونقلت كاميرات قنوات "دريم" عن أحد الفتيات المحتفلات صراخا هيستيريا باسم
جدو، مع التأكيد على أنها "بتموت فيه" فيما أرسلت له فتاة أخرى قبلة على
الهواء مباشرة!
وامتلأت صفحات موقع الاتصال الاجتماعي Facebook بحملة جديدة أطلقها المصريون للاحتفاء بنجمهم الجديد.
ولم تحتج صفحة اللاعب على الموقع سوى يومين فقط لتجمع أكثر من ستة آلاف
مشترك، تبادلوا عليها صور جدو مع المنتخب، وتسجيلات لأهدافه في البطولة،
وتبادل الأخبار التي نشرت عنه أو على لسانه في الأيام الماضية.
ولم يكتف الأعضاء بالصور العادية ولكنهم أيضا وضعوا صورا مبتكرة أبرزها
لوحة أرقام سيارات جديدة بالأحرف الثلاثة (ج د و) إضافة إلى صور أخرى تم
جمعها وتركيبها خصيصا له.
ويكشف البحث عن كلمة "Gedo" في الموقع عن تغيير عدد لا بأس به من
المستخدمين لأسمائهم لتتضمن اسم اللاعب بعد أسمائهم الثنائية مثل علا
خيرت، التي أصبحت "علا خيرت جدو" كي تصبح مثل "محمد ناجي جدو"!
جدووووووووووووووووووووو